قال الشاعر عبد الله البردوني :
ما بين ألوان العنا ء و بين حشرجة المنـــــــــــــــى
ما بين معترك الجرا ح و بين أشداق الفنــــــــــــــــا
ما بين مزدحم الشرور أعيش وحدي هاهنــــــــــــــا
لم أدر ما السلوى ؟ و لم أطعم خيالات الهنـــــــــــــا
الحبّ و الحرمان زا دي و الغذاء المقتنــــــــــــــــي
***
وحدي هنا خلف الوجود وخلف أطياف السنــــــــــــــا
و هنا تبنّتني الحياة و ما الحياة و ما هنـــــــــــــــــــــا
أنا من أنا ؟ الأشوا ق والحرمان و الشكوى أنــــــــــا
أنا فكرة و لهى معانيـ ها التضنّي و الضنــــــــــــــى
أنا زفرة فيها بكاء الـ فقر آثام الغنــــــــــــــــــــــــى
***
أهوى و ألقى غير ما أهوى، فماذا أشتهـــــــــــــــــي ؟
لا أسعد المهوى و لا جوع الهواية ينتهــــــــــــــــــي
أنا حيرة المحروم تنـ تحر المنى في صمتـــــــــــــــه
***
و أنا حنين تائه بين المحبّة والشقـــــــــــــــــــــــــــــا
أظمأ و أظمأ للجما ل وأين منّي المستقــــــــــــــــــى
***
يا قلب هل تلقى المرا د وما المراد و ما اللّقــــــــــــا
عمري تمرّغ في اللّهيـ ب ولذّة أن يحرقــــــــــــــــــا
لا فارق اللّهب الرما د ولا الرماد تفرقـــــــــــــــــــا
***
فمتى متى يطفي الفنا الـ موعود عمري الأحمقـــــــــا
كيف الخلاص و لم يزل روحي بجسمي موثقـــــــــا
لا الموت يختصر الحيا ة و لا انتهى طول البقــــــــا
لا القيد مزّقه السجـ ين و لا السجين تمزّقـــــــــــــــا
حيران لم يطق الحيا ة و لم يطق أن يزهقــــــــــــــــا
***
يا آسر العصفور رفـقا بالجناح المكســـــــــــــــــور
سئم الركود و لم يزل في قبضة الشوك الغـــــــرام
درن التراب مجسّد في الشيخ، في ثوب الصبـــــي
عبد الله البردوني شاعر يمني ثوري جريء في مواجهته، ولد عام 1929م في قرية البردون باليمن، أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م، ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها، وعمل مسئولاً عن البرامج في الإذاعة اليمنية.
أدخل السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين وصور ذلك في قصائده حيث العمى والقيد والجرح.
له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات، صدرت دراسته الأولى عام 1972م "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" .
ومن دواوينه نذكر: من أرض بلقيس، في طريق الفجر، مدينة الغد، كائنات الشوق الآخر، وغيرها.
فاضت روحه إلى بارئها في30 أغسطس 1999م في آخر أسفاره إلى الأردن للعلاج حيث توقف قلبه عن الخفقان.