قافلة سيد القراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قافلة سيد القراء

أهلاً بك في منتـــــــــــــدى قافلة سيّد القرّاء .
 
الرئيسيةأخبارأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نموذج مقال شخصي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدوحم
مؤسس المنتدى
مدوحم


عدد المساهمات : 261
نقاط : 6020
تاريخ التسجيل : 30/07/2009
الموقع : المملكة العربية السعودية

نموذج مقال شخصي  Empty
مُساهمةموضوع: نموذج مقال شخصي    نموذج مقال شخصي  Icon_minitime16.03.11 19:19



أنا و القلم *
أعترف أنها قد جفَّت قريحتي ، وكَلَّ ذهني ، ومات خيالي ، ومرَّت عليَّ أيام طوال لم أستطع أن أخط فيها حرفًا، وأصبحتُ وكأني لم أكن حليف القلم وصديق الصحف ، وكأني لم أَجْرِ للبلاغـة في مِضمار ، وما أدري أَبرَّأَنِي اللّه من حرفة الأدب التي ابتلاني بها وابتلاها بي ، أم هي سكتة عارضة، كالذي يعرض للشعراء والكتاب ، ثم تزول السكتة وينطلق اللسان ، ويعودُ أحَدَّ مما كان ؟
إني كلما أخذت القلم لأكتب ، أحسست أنه َيحْرُن ولا ُيمَلِّكُني زمامه ، وأنه يسـتعصي عليَّ ويستعصم مني ، وأجدني أميل إلى مطالعة كتاب ، أو النظر في صحيفة . فأقبلُ على القراءة ، وأُعَوِّض على ذهني ما فاته منها في هذا الزمن الطويل.
ولْيَثِقِ القراء أن يومًا يمرُّ عليَّ لا أكتب فيه شيئًا أو أُعِدُّ في نفسي شيئًا لأكتبه لهو يوم بؤس عليَّ لا يوم نعيم ، وأن أولَ ما أفكر فيه إذا سرني أمر أو ساءني ، أو أعجبـني أو راعـني ،
كيــف أصـوره ، وأعرض على الناس صورته كي أنقل إليهم شــعوري ،وأقاسمهم عواطفي، لا أفعل ذلك للشهرة والـمجد الأدبي ، ولا للنفع ولا للضرر ، فقد بلغت من الشهرة ما يصحُّ الوقوف عليه لو كانت الشهرة أكبر هَمِّي ، ورغبت عنها ؛ لأني وجدت ما نلت منها لم يُنلْني خيرًا قط ، ولكني أكتب ــ علم اللّه ــ لأدفع عن نفسي الـملل وما يصيبها من الألم إذا أنا لم أكتب، فكأنني أعمل بالغريزة التي تدفع النحل إلى اتخاذ العسل ، والعقارب إلى نفث السُّم ، وكلَّ حي من الحيوان إلى ما سُخِّر له من نفع أو ضرر . ولا أعلم أَأُحْسِنُ أم أُسيء ؟ ومتى يكون الإحسان وكيف يجيء ؟ وكلُّ ما أعلم أن فكرة تخطر على بالي تأتي بها نظرةٌ أو سَمْعَةٌ، فتنمو فيها حتى تملأ ذهني وتسيطر عليَّ، فلا أملك عن تدوينها تأخرًا ، فآخذ القلم فإذا هي تَجُرُّ وراءَها أخواتٍ لها .
وإذا أنا أمضي في الكتابة لا أكف حتى يكون القلم هو الذي يقف ، ثم أبعث بذلك إلى الـمجلة أو الجريدة ، فإذا أبطأت بنشره أو أَهْمَلَتْه سخِطت وثُرت ، وإن نشرته فرحت به وقرأته مستمتعًا ، فإذا مضى عليه يوم عُدتُ إليه فرأيت عيوبَه . فقلت : ليتني نقصت من هنا، وزِدت هناك، وحذفت هذا ، أو أثبت ذاك ، ثم لا يمنعني ذلك أن أعود إلى خَلتي من الإسراع كَرَّة أخرى . ولقد حاولت التنقيح والصناعة مرة فأفسدت من حيث توهــمت الإصـلاح ، فعدت إلى طبعي . فإذا كان في الناس من يعجبه ما أكتب فالحمد للّه.
وما سكت لقلة في الـموضوعات ، ولكن لِجفافٍ في القريحة ، ولو كان بي أن أكتب لوجدت في كل شيء موضوعًا لفصل ، غير أنه لا بد من العاطفة والفن ، ولو كان الأدب الواقعي أن تسرد كل ما ( وقع ) لك لكان الناس كلهم أدباء ، ولكن الأدب الواقعي أن تأتي بالصورة الجميلة ، قد صقلها الطبع وبَرْقَشَها الخيال ، وزانتها العبــارة الصحيحــة ، والســبْكُ الدقيــق ، لكنك لا تخرج فيها عما يمكن أن يقع .
أما الـمشفقون عليَّ ، الخائفون أن تلويَ الحادثاتُ قَناتي ، وتهدَّ رُكني ، فلْيعلموا أني في أمان ، وأن رسالة الأديب أن يُطاعِن عن الحق ويُناضِلَ حتى تًعلوَ كلمتُهُ ، ولْينظروا أيهما أسير في الناس وأشهر ، أَوَرَقَةٌ الشهادة الناطقة بفضل صاحبها ، أم مجلة يكتب فيها الأديب فيقرؤها مئة ألف ؟ وأيهما أقوى وأمتن ، أهذا القلم الدقيق أم أَرْجُلُ الكراسي التي يثبت عليها أولئك ويَعْلُون بها ؟
إن لكل أديب رسالة فليقوِّنا الله على تأدية الرسالة .



* من حديث النفس ، ص : 173 ، علي الطنطاوي . (بتصرف)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3bbb.yoo7.com
 
نموذج مقال شخصي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نموذج مقال شخصي
» نموذج (1) للمقال الشخصي
» نموذج (2) للمقال الشخصي
» نموذج لموضوع التحقيق - تعبير - ثالث متوسط
» إضاءات في الخصومة , مقال للشيخ : سلمان العودة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قافلة سيد القراء  :: نماذج-
انتقل الى: